صدورُ عملٍ لغويٍّ قيِّمٍ للشيخ العلاَّمة: عبداللطيف الشويرف
تركز دروس اللغة العربية في مناهجنا الحالية على قواعد النحو والصرف المألوفة، فإذا فتشنا عن البلاغة في الكتب المقررة رأينا تلخيصاً للأقسام الثلاثة الموروثة وأمثلة مكررة، ويختفي من هذه المناهج جانبٌ مهمٌ من الدرس العربي هو العناية بالأساليب والسياقات والتعابير، وربما يُستثني من ذلك درس الأدب الذي تهتم كتبه بالنصوص المختارة وتاريخها وتقتصر في تحليلها غالباً على الاهتمام بواقع الألفاظ والجمل والصور البلاغية والمحسنات اللفظية والمعنوية والموسيقا. وربما أضيف إلى ذلك شيء من الدراسات اللغوية الحديثة، دون الاهتمام بالمفاضلة بين الأساليب ونقدها من حيث السلامة والجمال والقوة.
وهذا جانب مهمٌ من الأساليب لا توليه دراساتنا المنهجية العناية التي ينبغي أن توليها له، ومنه الفروق اللغوية بين الأساليب والتعابير والاستعمالات المتنوعة، وما يجوز منها وما لا يجوز، وهو باب واسع يحتاج إلى خبرة بالأساليب العربية، ودربة بخياراتها، ورصد لاختلافاتها، والخيار هنا لا يقتصر على ما يجوز وما لا يجوز، بل يمتد إلى المفاضلة بين الجائزات، والميل إلى أحد تلك الخيارات بموضوعية مفصلة.
وكتابُ فضيلة العلَّامة البارع الشيخ عبد اللطيف بن أحمد الشويرف الذي عنونه بالشامل في الفروق اللغوية من الكتب القليلة التي تتعامل مع الأساليب العربية طلباً لصحة التعابير ومعرفة الفروق بينها، وتُغني الفروقَ بالأمثلة القديمة والمعاصرة، فقد دبجتها يدُ عالم خبير بالكتابة معالج لها ، ومتمرس في طرقها وأساليبها، وعارف بمحاسنها ومساوئها، مارس الكتابة الإدارية والقضائية والصحفية منذ سنواته عمره المبكرة في الوظيفة، وقرأ الكثير من أساليب كبار الكُتَّاب في عصره وقارن بينها وأفاد منها، وأخرج من كلِّ ذلك أسلوبه الخاص الذي كتب به شعره ونثره، وعلى الأخص ما دبَّجه يراعه الكريم في كتب التدريبات اللغوية والتصحيحات اللغوية، وهو يمتاز مع ذلك بذوق رفيع يشهد له بالقدرة على النقد والاختيار والمفاضلة، كما مكنه من الإبداع في الصناعتين الشعرية والنثرية.
ولكنه غير مكتفٍ بما لديه، فقد شهد كتابُه هذا جولاتٍ بين أساليب الشعراء والكتاب والخطباء، واقتطف من كلِّ ذلك أمثلةً رائعة، وعرَّج على حياتنا اليومية فاقتبس منها أمثلة صحَّح بعضها وخطَّأ غيرها، واستحضر من محاضر مجامع اللغة، ومن بعض الكتب ما أيَّد به هذه الفكرة أو تلك.
وأخيراً فالكتاب غنيُّ ممتعٌ يستحقُّ أكثر من هذه الوقفة العجلى، ويسرُّ مجمع اللغة العربية، الذي يفخر بعضوية الأستاذ الشيخ عبد اللطيف الشويرف، أن يقيم مجلس قراءة وتعليق على هذا الكتاب، وهو يدعو الأساتذة الذين يهمُّهم أن يعرِّفوا بجانب من هذا الكتاب أن يطَّلعوا عليه لتقديم ما يفيد في التعريف به وبصاحبه وبالجهد الذي بذله في تأليفه. وسوف يحدِّد المجمعُ تاريخاً لهذا المجلس بعد أن تتوفر لديه القراءاتُ الكفيلةُ بنجاحه وتساميها إلى مستوى الكتاب ومؤلفه.
حفظ الله العلامة الشيخ عبد اللطيف الشويرف، ونفع به وتقبَّل عمله في الصالحات.
أ.د. عبدالحميد عبدالله الهرّامة
رئيس مجمع اللغة العربية
الأحــد 04 أبريل 2021م